ما الذي يدفع مناضلا يساريا للكتابة عن أخ من رموز جماعة الإخوان المسلمين هو الأخ الصديق الدكتور عصام العريان مطالبا ـ بعد تقديم واجب التحية والتقدير ـ بإطلاق سراحه وسراح زملائه المحبوسين ، وإعادته إلى أهله وزملائه ومحبيه.القضية مبدئية ، والمسألة بسيطة ، وتوضيحها واجب.فنحن نعيش في بلاد حباها الله بنعم وافرة ، وثروات كبيرة ، وأرض عامرة مليئة بالخيرات.غير أن استبداد النخب الحاكمة وتسلطها وانفرادها بالثروة والسلطة،أهدر هذه الإمكانيات وبدد هذه القدرات وجعل بلادنا أرضا مستباحة ، ومطمعا لكل عدو حتى أصبح الحال على ما هو عليه من انحطاط وترد ، وتحولت هذه البلاد التي كانت كانت ذات يوم موئلا لحضارة زاهرة ، إلى أرض بائسة ، أهلوها تحت وطأة القهر والفقر وانعدام الأمل ، وتنطبق فيها البيوت على ساكنيها من الظلم والبؤس وخيبة الأمل وضياع الرجاء.وهكذا أدرك الكثيرون ، وأنا منهم ، أن الحرية هي مفتاح التقدم فغيابها أودى بنا وبأوطاننا ، وبدونها لا قيمة للبشر في منطقتنا ، ولا مجال للخروج من المستنقع الذي تحيا فيه ، أو من " الثقب الأسود" الذي انزلقت إليه ، حسبما عبر تقرير التنمية الإنسانية الأخير.ولأن قضية الحرية كل لا يتجزأ فالحرية تعني ـ في المقام الأول ـ حرية الجميع فحريتي تنتهك إذا انتهكت حريتك ، وحريتك في خطر إذا تعرضت حريتي لانتهاك.ومن أجل هذا كان انتهاك حرية أخي وصديقي د.عصام العريان ، وأخوته وزملائه من التيار الإسلامي ، هو انتهاك لحريتي وحرية رفاقي وزملائي من باقي التيارات الوطنية : تيار اليسار ، والتيار الناصري (القومي) ، والتيار الليبرالي (الوطني) جميعا !.ذلك أن هذه التيارات الوطنية الأربع ، تمثل قواعد بناء الحرية والمواطنة الشامخ ، الذي نسعى جميعا لتشييده في بلادنا وإذا انكسرت قاعدة من هذه القواعد أنهار البناء، وتحطمت الركائز.لقد مضى زمن ـ أرجو ألا يعود أبدا ـ استنفذت فيه طاقة الجميع في حرب ، غير مقدسة ، ضد الجميع ولم يستفد من هذه الحرب سوى أعداء شعبنا وأمتنا ، في الداخل، حيث الاستبداد والقهر ، وفي الخارج حيث العدوان والهيمنة ، وتبددت فيه جهود وتضحيات الآلاف المؤلفة ، دون عائد أو مردود يذكر.والآن أدركنا جميعا عقم هذه الحرب الفاسدة ، وكيف أنها دمرت وحدة الوطن وسهلت للمغتصب (المحلي والأجنبي) انتهاب ثروات البلاد ، والسيطرة على مقدراتها ، ونحمد الله أن فصولا مريرة ، من فصولها ، قد مضت ورحلت، دون رجعه!.وباقي أن نتقدم خطوة أخرى على درب الحرية. أن نتجاوز خلافاتنا ، وهي محدودة ويمكن تأجيلها ، وأن نتمسك بالقواسم المشتركة ، بيننا وهي عديدة ويجب تعظيمها وهذا أمر متاح.فلنا جميعا ـ أيا كانت مرجعياتنا الأيديولوجية أو العقائدية ـ مصلحة مؤكدة في أن نبنى مجتمع المواطنة واحترام الإنسان والقانون والدستور.ولنا جميعا ـ مهما تعددت روافدنا الفكرية ـ مصلحة مؤكدة في وضع حد نهائي للفساد ولحكم الأقلية المستبدة وللنظام السياسي والاجتماعي المبني على القهر، وتجويع الشعب ، والسيطرة بالإرهاب ، وتحطيم معنويات الناس حتى يسهل قيادهم ، وتبديل نظام الركوع للسيد الأمريكي ـ الصهيوني ـ بأخر مستقل الإرادة ،عزيز النفس.وهذا المجتمع المنشود سيبني بالكفاح والتضحية ، وسيدفع ثمنه من عذاباتنا وآلامنا ... لكنه هديتنا للأجيال الجديدة من أبناء مصر ، والعالم العربي والإسلامي ، إن شاء الله.وحين تأتي هذه الأجيال سنطلب منهم وحسب ، كما طلب الشاعر المبدع "صلاح جاهين" ذات يوم أن : "افتكروا فينا واذكرونا بخير" ويكفينا أنهم سيدركون كم ضحى آباؤهم ، وكم قدموا من جهد وعرق ودمع ودم ، على مذابح الحرية الطاهرة.وحين ترفرف رايات الحرية في سموات أمتنا سنكون قد قطعنا شوطا محمودا على طريق طويل ، تجتمع فيه أيادينا : مسلمين وأقباط ، ورجالا ونساء ، إسلاميين ويساريين ، وقوميين وليبراليين ، نختلف من أجل صالح الأمة ونتفق من أجل صالحها أيضا ، ونبني معا وطنا منشودا ، هو ذلك الوطن الذي تمناه لنا بالأمس الذي لم يغب عن الذاكرة جدنا الأعظم رفاعة الطهطاوي حين وصفه فقال : "ليكن الوطن محلا للسعادة المشتركة"فمن أجل الوطن الحلم ، "الذي هو محل للسعادة المشتركة" أحيى ـ أنا اليساري ، الذي قضيت عمري كله أناضل من أجل الاشتراكية ، دفاعا عن مصالح فقراء شعبنا وعن استقلال وطننا وحرية أمتنا أخي وصديقي عصام العريان ، وزملائه من مجاهدي التيار الاسلامي وأشد على أياديهم بقوة ، وأدعو الله لهم بالصمود والثبات ، وأتمنى أن احتفل بهم ، واحتفي بحريتهم في القريب العاجل...اللهم أمين.أحمد بهاء شعبان أحد منسقي حركة كفايةنقلا عن موقع الحركة المصرية من أجل التغيير ( كفابة
الأحد، أكتوبر ١٥، ٢٠٠٦
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 تعليق:
إرسال تعليق