الأربعاء، فبراير ١٨، ٢٠٠٩

رفيق حبيب : مطالبة الإخوان بالفصل بين العمل الدعوي والسياسي دعوة لحل الجماعة ومحاولة لنزع الجماعة عن مشروعها

" أزمة الإخوان المسلمين " كتاب جديد صدر مؤخرا عن مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية وناقش افي ست فصول الإطار الفكري والمشكلات الأساسية لجماعة الإخوان المسلمين كما ناقش الممارسات العملية للجماعة التي نٌسجت من خلالها خيوط هذه الأزمة وقام علي تحرير الكتاب الدكتور عمرو الشوبكي الخبير في شئون الحركات الإسلامية ومدير مركز الدراسات العربية والأوربية بالمركز والذي اصطدمت ورقته في الكتاب مع ورقة المفكر القبطي الكبير الدكتور رفيق حبيب الذي يري عدم واقعية مطالبة الإخوان الفصل بين الدعوي والسياسي مخالفا رؤية الشوبكي التي اعتبرها الأزمة الأساسية , نعرض هنا رؤية الدكتور رفيق التي أراي أنها مثيرة للجدل خاصة
يطرح الكاتب والباحث السياسي رفيق حبيب رؤية دقيقة حول فكرةالعمل الدعوي والسياسي عند جماعة الإخوان المسلمين واضعا حدا فاصلا بين أفكار الفصل والتمييز والدمج بينهما , وإشكالية فهم وتصورات المتابعين والمراقبين للجماعة محاولا إزالة لبس الجمع بين هذين العملين وهو ما لم تستطع الجماعة طوال عمراها الذي طال الثمانين عاما أن تزيله
حيث يطرح حبيب في بداية ورقته البحثية أنه ليست ثمة مشكلة في الجمع بين العمل الدعوي والعمل السياسي , موضحا أن أي حركة سياسية أو اجتماعية أو ثقافية لها هدف تعمل علي تحقيقه , فاذا كانت حركة ذات تخصص محدد ستعمل علي تحقيقه في المجال أما اذا كانت ذات رؤية شاملة للحياة فهي تحقق رؤيتها في مجالات مختلفة من الحياة وفقا لهذه الرؤية وضرب مثالا بالليبرالية والتي تمثل رؤيتها رؤية شاملة للحياة بما فيها الجوانب الإجتماعية والثقافية والحياتية والإقتصادية مؤكدا أن فكرة الليبرالية لم تنجح من خلال آلياتها السياسية فقط بل من خلال العديد من الآليات التي تعمل في مختلف المجالات
مضيفا أن الحركات الإسلامية وعلي رأسها جماعة الإخوان المسلمين لها رؤية شاملة لمناحي الحياة واهتمامها بفكرة " الأمة " بمعني أن التغيير الذي تهدفه هذه الحركات الإسلامية يقوم علي تغيير وإصلاح حال الأمة وهو ما جعلها تمارس نشاطها في مختلف مجالات نشاط الأمة
واعتبر حبيب الرؤية الإسلامية ليست الرؤية الوحيدة الشاملة والفرق الوحيد بينها وبين الرؤي السياسية الغربية المعاصرة أن الأخيرة تقوم علي مرجعية علمانية بينما تقوم الثانية علي مرجعية دينية وكلهما مقدس لدي الرؤيتين
ويصل في ذلك إلي خلاصة أن لكل مشروع سياسي أيا كانت مرجعيته جانب دعوي وجانب سياسي حيث أن الفكرة الليبرالية نفسها لها جانب دعوي يتمثل في نشر في نشر فكرتها في وسائل الإعلام وتطبيقها اجتماعيا من خلال الجمعيات الأهلية ليصل نشرها بالشكل السياسي عبر الأحزاب السياسية موضحا أن الفارق بين التيارات الإسلامية والعلمانية أن الأولي أقامت تنظيما واحد للقيام بكل هذه الأدور وليس تنظيمات أو مؤسساسات متعددة كحال الثانية
موضحا أن التحدي الرئيسي أمام جماعة الإخوان المسلمين ليس في تكوين مؤسسة أو حزب سياسي بقدر تكوين وتأسيس خطاب سياسي لا يقوم علي مفردات العقيدة الدينية
ومن خلال رؤيته اعتبر حبيب أنه اذا كان هناك تعارض بين ممارسة العمل السياسي والعمل الدعوي فبالتالي لا توجد رؤية شاملة للعمل بهما وهو ما يخالف ما قامت عليه جماعة الإخوان المسلمين والتي تري أن رؤيتها الإسلامية الشاملة هي رؤية تنظم المجال الديني والسياسي وغيرهما من مجالات الحياة مستتبعا أن مطالبة الإخوان بالفصل بين العمل الدعوي والسياسي هي رؤية تحاول نزع الجماعة عن مشروعها وهي رؤية لن يكتب لها النجاح , لأن من يطلب هذا الفصل من الجماعة وكأنها يطالب قياداتها بحل الإخوان وهو موقفا معاديا لمشروعها أصلا ويقوم هذا الموقف علي محاولة تأسيس علماني للسياسة .
فيما عرف حبيب العمل الدعوي بأنه الدعوة للرؤية الشاملة لأفكار الجماعة بما فيها الرؤية الإقتصادية والإجتماعية والدينية والسياسية وأن العمل الدعوي هو المنوط به نشر رؤية الإخوان بين الناس في جميع جوانبها , موضحا أن العمل الدعوي لا يمكن أن يتخلي عن الخطاب السياسي فهو أحد الرؤي التي يعمد الإخوان نشرها بين الناس مثل النشاط الديني والثقافي والإجتماعي , واضعا حدا للتمييز بين الدعوي والسياسي أن العمل السياسي المتخصص محصورا في عملية التنافس السياسي للوصول إلي السلطة اتنفيذية أو التشريعية مطالبا الجماعة بوضع هذا الحد التمييزي عن بقية أعمالها من خلال مؤسسة خاصة به علي أساس أن وجود الأحزاب السياسية المتخصصة هو جزء من اليات الديمقراطية التي توافقت عليها القوي الوطنية ومنها جماعة الإخوان .
واعتبر حبيب أن الجماهير بعيدة عن الخلافات التي تثيرها النخبة السياسية بمطالبة الإخوان بالفصل بين الدعوي والسياسي موضحا أن هذه التشابك بين العملين هو مثار جذب وتأييد الجماهير للجماعة .
وفكك حبيب في ورقته القيمة عددا من الأفكار والمصطلحات الإخوانية لم يستطع أيا من قيادات ومنظري الجماعة توضيحها مثله علي رأسها فكرة " التمكين " التي يراها أغلبية الباحثين أنها قمة أهداف الجماعة والذي يتمثل في تمكنها من الوصول لقمة السلطة وإدارة النظام بينما يلبسها حبيب ثوبا ديمقراطيا عصريا ليعرفها علي أنها لا تعدو مرحلة من المراحل التي تنشد فيه الجماعة التغيير الشامل للمجتمع قائلا بأنها المرحلة التي يتحقق فيها أكبر قدر من التغيير في المجتمع لدرجة تسمح ببداية عملية التغيير السياسي , مضيفا أنها المرحلة التي تتمكن فيها الجماعة من الانتقال من عملية التغيير الإجتماعي إلي عملية التغيير السياسي والتنافس مع القوي الأخري وصولا لتحقيق الأغلبية والقيام بعملية تغيير سياسي .
ويبني حبيب هذه الرؤية علي تقديمه للجماعة علي أنها حركة تغيير اجتماعي قبل أن تكون حركة تغيير سياسي تهدف للتنافس علي الوصول للحكم موضحا أن فارقا كبيرا بين استهداف الجماعة الوصول للسلطة واستهدافها تغيير النظام السياسي ليتوافق مع التغيير المنشود للمجتمع .
وعرض حبيب تطور فكر التنافس السياسي للجماعة والتي بدأت تستعيد تنظيمها بعد الضربات الأمنية التي وجهها نظام الرئيس جمال عبدالناصر لها في الخمسينات والستينات ومساهمة الفكر الحالم للشهيد سيد قطب الذي رأه حبيب أن محنة السجن وفكر سيد قطب قد عطلا الدور السياسي للجماعة , لتستعيد بنائها في السبعينات وصولا إلي نمو الملامح السياسية للجماعة في الثمانيات علي يد جيل الحركة الطلابية آنذاك مرورا بتطور فكر الجماعة نحو انشاء حزب سياسي وصدور أوراق سياسية تضع معالم فهم الجماعة للعمل الديمقراطي السلمي
وينتهي حبيب في ورقته بتصورات ثلاث نحو سيناريوهات المستقبل للجماعة أولها يتمثل في استمرار عملها كجماعة دعوية لها دور سياسي والتصور الثاني عمل الجماعة بشكلها الدعوي مع تأسيس حزب سياسي ليكون غطاء رسميا لعملها والتصور الثالث أن تتحول الجماعة كليا إلي حزب سياسي يتبني البرنامج السياسي للجماعة ويعمل علي الوصول للسلطة عندما تقرر الجماعة أنه تصل للحكم بنفسها لتقوم بعملية التغيير السياسي , ويري حبيب أن السيناريوهات الثلاثة علي ترتيبها أمام عين الجماعة معتبرا أن السيناريو الثاني ستعمد الجماعة الوصول إليه في حال حدوث أي انفراج سياسي في موقف النظام منها مستبعدا الإحتمال الثالث وهو المنافسة المباشرة علي قمة السلطة الذي سيواجهه عقبات محلية وإقليمية ودولية مشيرا أن الجماعة نفسها ليست راغبة في الوصول للسلطة في ظل هذه الظروف .
وترسم ورقة الكاتب المرموق والباحث القبطي رؤي تبريرية بشكل معمق للوضع الحركي والسياسي للجماعة وفي أجزاء كبيرة منها دراسة نظرية متطورة علي أفكارها التقليدية قد يدعوا الباحث فيها الجماعة إلي تبني وجة نظره لتحسين المنتج السياسي النهائي الصادر عنها بإعتبارها أكبر القوي السياسية الفاعلة في مصر والتي يراهن علي قدرتها علي التغيير جمع من النخب السياسية التي لم تجد بديلا فاعلا غير الإخوان لمنافسة النظام الحاكم المستبد وحزبه المسيطر علي الحياة السياسية والتشريعية .

الصورة من مدونة أبوجهاد في حفل زواج سارة خيرت الشاطر حيث يتوسط الدكتور رفيق الأستاذ مهدي عاكف والدكتور محمد مرسي

3 تعليق:

AbdElRaHmaN Ayyash يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
AbdElRaHmaN Ayyash يقول...

بعد اذنك يا منعم
نلاقي فين ورقة الدكتور حبيب
و كتاب الدكتور عمرو كمان؟
---
و بخصوص كلام الدكتور رفيق ، :) انا طول عمري بقول انه اكتر راديكالية من كتير في الاخوان :):)
لا حقيقي .. الكلام انا اعتقد انه تم النقاش فيه اكتر من مرة .. عموما مش عاوز ادي احكام مسبقة قبل ما اقرأ النص
و بخصوص كلام الشروق المنشور امبارح عن برنامج الحزب .. هل من تأكيدات سعادتك؟

saher يقول...

والله مقالة د/رفيق اكتر من روعه وحللت لبس كتير ممكن يبقى موجود عند نا س كتير وانا ارى مستحيل انه يتم الفصل لان الفصل لا يتناسب مع الشموليه واحنا بندعو الى الشموليه