ساهمت القبضة الأمنية في تقويض التغيير داخل جسم أكبر تنظيم سياسي في مصر والتي لاقت قبول لدي عدد من القيادات المحافظة التي لا ترغب في إجراء انتخابات داخلية تخوفا من أن يشهد التغيير المنتظر انتقال قيادة الجماعة لما يعرف بجيل الطلبة في السبعينات والذي يعرف بانفتاحه علي المجتمع ويمثل جيل جديد من الإصلاحيين والتي أثمرت انتخابات المحافظات عن حضور قوي لهذا الجيل في المكاتب الإدارية رغم ضآلة عدده تجاه التيار المحافظ ,
يضاف إلي ذلك تخوف البعض من زيادة نفوز خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد الذي كان ينتظر أبناء الجيل أي تغيير مقبل لترشيحه علي منصب المرشد العام للجماعة نظرا لما يتمتع به من كاريزما وتخطيط استراتيجي لحركة الجماعة في الوقت الذي استطاعت شخصيات مقربة من الشاطر أن تدخل مجلس الشوري الجديد وتوليها قيادات مؤثرة في الجماعة ولعل الرغبة الداخلية لهؤلاء المحافظين وافقت تفكير أمني بإبعاد الشاطر عن قيادة الجماعة خلال هذه الفترة
فالنظام والأمن المصري كان يخشى من قيادة الشاطر الذي وصفه محللين سياسيين بأنه الصقر الإخواني والذي يعرف ببرجماتية كبيرة في تعامله مع الأخريين و كذلك أسلوبه المنفتح والذي فتح للشباب الباب لمناصب قيادية وسيطة وكذلك عدم اكتراثه بخطاب التيار الإصلاحي الذي يقوده أبو الفتوح بل استطاع الشاطر توظيف هذا الخطاب لصالحه خلافا لحرصه علي التواصل مع الغرب وفتح قنوات الحوار معه بشكل غير مباشر وذلك عن الإعلام إذ يعد هو صاحب المشروع الأساسي للموقع الإنجليزي للجماعة " إخوان ويب " والذي يعطي رسائل فتح الحوارمع الغرب بطرح صورة جديدة عن الإخوان المسلمين لدي المواطن الغربي وكذلك الحكومات وبدا حرص الشاطر أيضا عندما نشر له أصدقائه في بريطانيا مقالا هاما بالإنجليزية في جريدة الجارديان بعنوان " لا تخافوا منا " عقب فوز الجماعة بعدد كبير من مقاعد مجلس الشعب والذي عبر فيه أن جماعة الإخوان حركة سلمية تقبل التحاور مع الجميع وترفض العنف وتختلف عن الحركات المتشددة مثل القاعدة بل تنبذ أفكارها التي تعد متطرفةهذا الانفتاح أعطي الشاطر وجه إصلاحيا مقبولا لدي الداخل والخارج وخشي النظام أن هذا الأسلوب من الحركة التي قادها الشاطر , فالنظام كما استفاد من أحداث العنف في التسعينات لتمديد حالة الطوارئ يستفيد بشكل كبير أيضا من الخطاب المحافظ للجماعة والذي يمثله جيل الستينات والذي استطاع الشاطر أثناء توليه منصب نائب المرشد أن يحيد خطابه لتحسين صورة الجماعة لدي النخبة المثقفة في مصر ولدي الخارج فما كان من النظام إلا إبعاد الشاطر وبحكم طويل خاصة في هذه الفترة التي سيتم فيها انتقال السلطة في مصر
وهذا ما أوضحه حامد عبدالماجد أستاذ العلوم السياسية والمتخصص في الإسلام السياسي بأنه لا يمكن القول إن النظام الحاكم وسياسته الأمنية بعيدة عما يجري داخل الإخوان، إذ يهمها بقاء الأوضاع والتوازنات على ما هو قائم دون تغيير أو تجديد حقيقي لا تعرف على الأقل كيفية التعامل معه إذا حدث، وبالتالي تظل الجماعة مكونا من مكونات الجمود والركود السياسي العام في البلاد وليس العكس. (2)
شوري بلا شوري
لعل الناظر للجماعة وحرصها علي استخدم الشوري والانتخابات كآليات لتداول المقاعد في قيادة التنظيم يشعر أنه أمام حركة ديمقراطية لا مثيل لها , إلا أن هذا الخطاب يشكل قشرة خارجية لكيان تملئه الصراعات والاختلافات التي لا تختلف عن أي حزب سياسي سوي أن خطاب جماعة الإخوان تكسوه هالة دينية عامدة أو غير عامدة ترهب الباحث في أن يصدر حكما علي هذه الصراعات
فالجماعة ليست بها قنوات حقيقة للحوار الداخلي الفاعل وان حدث يكون حوار من طرف واحد حيث يقوم أحد أعضاء مكتب الإرشاد بزيارة لمكتب إداري أو حتي شعبة لتكون أشبه بالمحاضرات التي تعطي مسكنات للغاضبين والمحتقنين , لذلك تحرص الجماعة أن تكون حواراتها الداخلية بعيدة عن الإعلام حتي لا تتفتح أعين جميع أعضاء الجماعة علي مشاكل التنظيم , ويتم لفظ شخص مخلص يدعو للحوار المفتوح بينما تترك الساحة خالية أمام المتوثبين الذين يجيدون فن النفاق والموالسة ليعبروا عن صورة الجماعة الملتقيات الفكرية وأمام وسائل الإعلام مما دفع الآلة الإعلامية لاعتبار هؤلاء المتوثبين رموز الجماعة
وهذا ما عبر عنه أحد الباحثين بأنه أتاح الفرصة لنماذج ليست بعيدة عن الانتهازية و«الفساد» لكي يكون لها موقع القربى من «مراكز القرار» , كما أن هؤلاء المتزلفين يسدون المنافذ على أي جهد نقدي أو ممارسة حق الاختلاف , بعضهم تحدث بوضوح شديد عن أن التغيير أو الإصلاح في الداخل هو «مستحيل» (3)
لذلك فالجماعة مدفوعة نحو خطاب الشوري لمقتضيات العصر الحديث وهو ما تعرض له خليل العناني الباحث في شئون الجماعات الإسلامية حيث قال أن اقتراب الجماعة من الديمقراطية كان قسريا واضطراريا نظرا للعوامل البيئية الخارجية التي دفعت الجماعة بضرورة الاستجابة للتحدي الديمقراطي في الوقت الذي يجري الحديث عن الشورى باعتبارها بديل الديمقراطية إلا أن الجماعة تعاطت مع مظاهر الديمقراطية وطورت من أدائها السياسي وحاولت تقديم أطروحات متقدمة كالنظر للمرأة والعلاقة مع الأخر لكن العناني يري أن هذه الاطروحات يغلب عليها قدر من العمومية قد تزيد من الشكوك من موقف الجماعة الحقيقي في هذه القضية (4)
ورغم مظهر الانتخابات والتي أثمرت بالتأكيد عن حالة ايجابية داخل الجماعة إلا أن المتفحص لحالة الإخوان سيري غياب ثقافة ووعي هذه الآلية الديمقراطية ورغم حديثا عن وجود قيادات جديدة وواعية ولديها إرادة الإنفتاح إلا أن هذه الشخصيات تمثل نسبة 4:1 حيث ساد في هذه الانتخابات التقوقع في ثقافة المحنة والأزمات وتركزت الأصوات لصالح أصحاب الثقة الذين دفعوا من أعمارهم سنين طوال في السجون ورفضوا تأييد عبدالناصر في الستينات حيث كان يعرض رجال ناصر علي أعضاء الجماعة التوقيع علي خطاب تأييد للرئيس جمال عبدالناصر مقابل الإفراج عنهم
بالطبع التقدير موصول لهؤلاء الرجال الذي ضحوا من أجل فكرتهم السلمية إلا أن الناخب الإخواني لم يسأل هؤلاء المرشحين عن برنامجهم لتطوير عمل الجماعة ورؤيتهم للصراع مع السلطة من غير خطاب الصبر والابتلاء
ولعل هذه البيئة دفعت عددا كبيرا من الإخوان المثقفين إلي ترك الجماعة في الوقت الذي لم يسمح لهم بعرض أفكارهم للنقاش إذ وقفت أمامهم قيادات الحجب علي أن تصل رسائلهم لقواعد الجماعة وعملت علي تشويه صورتهم لدي هذه القواعد
وهو ما عبر عنه الأستاذ فريد عبدالخالق عن تخليه عن التنظيم منذ عام 1976 وهو أحد مؤسسي الجماعة مع الإمام حسن البنا حيث قال في تصريح صحفي : " "لقد كان الخلاف يتعلق بالممارسات، لم يكن اختلافا في الهدف ولكنه في الأسلوب والشكل، لأنني كنت أرى أن الممارسات داخل الدعوة بين الإخوان أو الجماعة يجب أن تكون أكثر تمتعا بحرية الفكر والشورى مما كان متاحا. من ضمن ما اعتنقته من أفكار "
ولعل الممارسات الداخلية للجماعة والأزمات التنظيمية التي تمر بها الجماعة نظرا لغياب جوهر ثقافة الشوري مما أفقدها معناها وهو ما يجعل الباحث يتشكك في نجاح وتوسع ما أصطلح المتخصصين علي تسميته الخطاب الإصلاحي في الجماعة في الوقت الذي لا تسأل قواعد الجماعة عن حقها في الإدلاء بصوتها أو إبداء الآراء في القرارات التي تصدر من أعلي الجهات الإدارية في الجماعة بباعث الثقة الذي يعد أحد عناصر البيعة .
الثلاثاء، مايو ٢٧، ٢٠٠٨
حقيقة الشوري داخل الإخوان والتخوف من قيادة الإصلاحيين
كتب عبدالمنعم محمود فى ٥:٥٥ م
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
3 تعليق:
كلامك صح بنسبه كبيرة بس ان شاء الله مع بذل شوية جهد هيتغيير الواقع اللي موجود ده .. بس محتاج من الجميع دراسه جاده للواقع والبدائل والخطوات القادمة
كلامك مافهوش نسبة واحد من مليون من الصحة لأن جماعة الاخوان بنيت علي الحب والتآخي وليس علي التهافت علي المناصب القيادية داخل الجماعة
بسم الله والصلاه والسلام علي رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم
اما بعد السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
ايها الاخوه الكرام
اولا اود ارجع للجماعه الدعوية ماتقوله اخي الكريم وكاننا نتسارع علي كرسي وسلطه اخي الكريم ماتتسارع عليه افراد هذه الجماعة اقول لك فعلنا كلنا يريد المنصب والعرش
ولكن المنصب في الفروس الاعلي من الجنه
ونريد ايضا ظل العرش
واما ما تتحدث عنه عن قيادة الاصلاحين
هذا كلام بصدق لايعني الاخوان المسلمون
قياده كانوا اوجنود
لان الاخوان
لهم (غايه)ولهم (قدوه)
ولاينتطرون الا الجنة ولايعملون الا للجنة نحسبهم كذلك ولا نزكيه علي الله
اقول قولي هذا واسنغفروا الله لي ولكم
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته
إرسال تعليق